العقوبات الغربية على روسيا تطال قطاعات المال والتجارة والإعلام والطاقة والنقل
العقوبات الغربية على روسيا تطال قطاعات المال والتجارة والإعلام والطاقة والنقل
طالت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا منذ بداية الأزمة الأوكرانية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمقرّبين منه، وقطاعات متعددة داخل الاقتصاد الروسي، عبر فرض حظر طيران وتجميد أصول أفراد أو شركات وحظر عدد من التعاملات التجارية والمالية، وصولاً إلى فرض قيود على قطاعات النفط والغاز والإعلام.
القطاع المالي
تستهدف معظم العقوبات على روسيا القطاع المالي بهدف الحدّ من القدرات التمويلية الروسية للحرب، وفق فرانس برس.
واستهدفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول أخرى، المصرف المركزي الروسي بشكل مباشر، فمنعوا كلّ التعاملات مع المؤسّسة المالية الروسية وشلّوا حركة أصولها بالعملة الأجنبية، ما أدّى ذلك إلى انهيار عملة الروبل أمام الدولار في وقت ازدادت فيه عمليات سحب النقود.
وفرضت دول كثيرة حظرًا على التعاملات المالية مع المصارف الروسية باستخدام نظام "سويفت" المالي العالمي، الذي يسمح بإجراء تحويلات دولية بين المصارف.
وتبحث دول مجموعة السبع ودول الاتحاد الأوروبي في وضع أحكام محددة للعملات المشفّرة التي لجأ إليها العديد من الروس، على أمل العثور على ملاذ آمن فيها.
الطاقة
فرض الرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء، حظرًا على واردات النفط من روسيا في أقسى إجراء اتّخذته إدارته حتى الآن، لمعاقبة موسكو على غزوها أوكرانيا.
وقررت بريطانيا أيضًا حظر واردات النفط من روسيا بصورة تدريجية، معلنةً عزمها على وقف واردات النفط الخام والمشتقات النفطية الروسية، بالكامل بحلول نهاية العام الجاري.
وترفض أوروبا في الوقت الحالي فرض حظر على واردات الطاقة الروسية التي توفر 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي و30% للنفط، لكنّ الولايات المتحدة هي مصدّرة بحتة للطاقة، أي أنها تُنتج كميات نفط وغاز أكثر من حاجتها الاستهلاكية، بحسب ما ذكر بايدن.
وأصبحت شركة "غازبروم" العملاقة للغاز الروسي، إحدى الشركات التي لم تعد لديها قدرة على جمع الأموال في الأسواق المالية الغربية.
وتم تعليق خدمات خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي كان من المفترض أن يزيد شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا، وقدّمت الشركة التي تديره طلباً لإشهار إفلاسها.
النقل
تم إغلاق المجال الجوي لدول حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أمام الطيران الروسي، ما أجبر شركة الطيران الروسية الحكومية إيروفلوت على تعليق العديد من رحلاتها، ردًا على ذلك، منعت روسيا تحليق طائرات من هذه الدول في مجالها الجوي، ما أجبر العديد من الشركات على تعديل طرقها عبر آسيا.
وأصبح قطاع الطيران الروسي مستهدفًا بالكامل، فقد حظر كلّ من الاتحاد الأوروبي وكندا تصدير الطائرات والقطع والمعدّات إلى روسيا، وأعلنت شركتا بوينغ وإيرباص أنهما توقفتا عن توفير قطع غيار وصيانة للطائرات المسجلة في روسيا.
وحظرت لندن شركات الطيران والفضاء الروسية من الوصول إلى خدمات التأمين وإعادة التأمين.
ولم يسلم قطاع النقل البحري من العقوبات، بحيث أغلقت بريطانيا جميع موانئها أمام السفن التي تحمل العلم الروسي أو المستأجرة أو المملوكة من الروس، وأعلنت شركات "مايسرك" و"سي إم آ سي جي إم" و"هاباغ لويد" و"إم إس سي" للشحن تعليق عمليات التسليم إلى الموانئ الروسية.
التجارة
استُهدف تصدير أشباه الموصلات والمعدات التكنولوجية والتي تعد ضرورية لمجموعة واسعة من المنتجات الصناعية منذ بداية الغزو، من قبل اليابان ثم من قبل الولايات المتحدة.
واستهدف البيت الأبيض الأسبوع الماضي، قطاع الدفاع الروسي من خلال تجميد أصول الشركات في الولايات المتحدة وحظر أي معاملات مع الشركات أو الأفراد الأمريكيين، ومن ناحية أخرى قطاع النفط الروسي عن طريق منع صادرات المعدات والتقنيات اللازمة لهذا القطاع، الذي يُشكّل المصدر الرئيسي للبلاد من العملات الأجنبية.
واستفادت واشنطن من الوضع لزيادة عقوباتها على بيلاروس، المتّهمة بمساعدة روسيا في غزوها لأوكرانيا.
وقررت كندا إلغاء وضع التجارة الخاص لروسيا وبيلاروس، ما سيؤدّي إلى فرض ضريبة استيراد نسبتها 35% على المنتجات من هاتين الدولتين.
المطاعم والمقاهي
أعلنت سلسلة ماكدونالدز الأمريكية للوجبات السريعة، الثلاثاء، أنّها ستغلق مؤقتاً مطاعمها في روسيا وعددها 850 مطعماً وستعلّق كلّ أعمالها في البلاد، لتحذو بذلك حذو الكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي قررت النأي بنفسها عن موسكو.
وأعلنت كذلك سلسلة "ستارباكس" للمقاهي الثلاثاء أنها ستغلق مؤقتاً مقاهيها في روسيا، وعددها 130 مقهىً.
كذلك علقت شركة "كوكا كولا" الأمريكية للمشروبات الغازية نشاطها في روسيا، في حين أعلنت منافستها بيبسيكو عزمها على تعليق بيع المشروبات في روسيا والاستمرار بالمقابل في بيع الأغذية فيها.
وسائل الإعلام
قطاع الإعلام الروسي لم ينجُ من العقوبات، حيث حظر الاتحاد الأوروبي بثّ القنوات الرسمية الروسية "آر تي" و"سبوتنيك" عبر الراديو والتلفاز والإنترنت.
وقرّرت شركتا فيسبوك ويوتيوب حظر منشورات هذه الوسائل في أوروبا.
وأعلنت غوغل تعليق قدرة وسائل الإعلام الروسية التي تموّلها الدولة على جني الأموال على منصاتها.
عقوبات على شخصيات نافذة
خضع العديد من الشخصيات المعروفة في روسيا لعقوبات، على رأسهم فلاديمير بوتين بجانب 350 نائبًاً، ومقرّبون من الرئيس الروسي بمن فيهم رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
واستهدفت العقوبات أيضًا العديد من رجال الأعمال الروس بمن فيهم صاحب نادي "تشيلسي" الإنجليزي رومان أبراهاموفيتش، والذي عرض النادي للبيع، ومدير المجموعة النفطية "روسنفت" إيغور سيتشين.
وتضمنت العقوبات منع السفر إلى الدول الأوروبية وتجميد أصولهم في هذه الدول، في فرنسا، تمّت مصادرة يخت إيغور سيتشين الخميس، وقام العديد من أفراد الأوليغارشية، على غرار أبراهاموفيتش، بنقل أصولهم إلى جزر المالديف لتجنّب مصير مماثل.
وأنشأت واشنطن خلية من المحققين المسؤولين عن الشروع في إجراءات ضد "الأوليغارشية الروسية الفاسدة" وكذلك كل من ينتهك العقوبات.
معارضة الصين
صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، اليوم الأربعاء، بأن العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية من الغاز والنفط سينتج عنها مشاكل اقتصادية من شأنها أن تضر كافة الجوانب.
وقال ليجيان، إن الصين تعارض بالتأكيد العقوبات الأحادية الجانب التي لا تستند إلى القانون الدولي، وإن الترويج لنادٍ للعقوبات لن يضيف السلام والأمن، سيؤدي فقط إلى قضايا خطيرة للاقتصاد ونوعية الحياة في البلدان المقابلة.
وأشار إلى أنه في هذا السيناريو سيخسر الجميع، العقوبات لن تؤدي إلا إلى تكثيف الانفصال والمواجهة بحسب صحيفة جلوبال تايمز الصينية.
التصعيد وبداية الحرب
اكتسبت الأزمة الروسية الأوكرانية منعطفًا جديدا فارقًا، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 21 فبراير الماضي، الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوغانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوة تصعيدية لاقت غضبا كبيرا من كييف وحلفائها في الغرب.
وبدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالات اندلاع حرب عالمية ثالثة، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين، فيما لقي الهجوم انتقادات دولية لاذعة، ومطالبات دولية وشعبية بتوقف روسيا عن الهجوم فوراً تبعها عقوبات اقتصادية واسعة النطاق.